الإشارة باليدين:
ورد في الحديث الشريف أن النبي استخدم يديه الشريفتين في شرح بعض المعاني التعليمية المجردة للصحابة رضي الله عنهم، فحيناً يستخدمها للكناية عن إفاضة الماء على الرأس، وللتفريق بين الفجر الصادق والفجر الكاذب حينًا آخر، كما يشير بهما إلى الجهة تارة، وللدلالة على عدد أيام الشهر تارة أخرى. ومن ذلك الأحاديث الشريفة الآتية:
32- أخرج البخاري في كتاب الغـسل عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثًا، وأشار بيديه كلتيهما ) (1 ). أي أشار أنه يأخذ الماء بكفيه معًا.
33- عن أنس بن مالك رضــي الله عنــه قــال: (صلى لنا النبي ثم رقى المنبر -فأشار بيديه قِبَل قِبْلةِ المسجد - ثم قال: لقد رأيت الآن منذ صليت لكم الصلاة الجنة والنار مُمثلتين في قبلة هذ الجدار، فلم أر كاليوم في الخير والشر ) ( ثلاثًا ) (2).
34- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ذكر رمضان فضرب بيديه فقال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا ( ثم عقد إبهامه في الثالثة )، فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين ) (1 ).
قال النووي: وفي هذا الحديث جواز اعتماد الإشارة المفهمة في مثل هذا (2 ).
35- عن عائشة رضي الله عنها قالت: أقسم رسول الله أن لا يـدخــل على نســائــه شــهرًا، فمكث تسعة وعشرين يومًا، حــتى إذا كـان مسـاء ثلاثـين دخـل علي، فقـلت: إنك أقـسمت أن لا تدخل علينا شهرًا، فقال: شهر هكذا ( ويرسل أصابعه فيها ثلاث مرات ) وشهر هكذا ( وأرسل أصابعه كلها وأمسك إصبعًا واحدًا في الثالثة ) (3 ).
36- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (لا يمنعن أحدًا منكم أذان بلال -أو قال: نداء بلال - من سحوره، فإنه يؤذن بليل -أو قال: ينادي بليل - ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم، وقال: ليس أن يقول هكذا وهكذا -وصوب يده ورفعها - حتى يقول هكذا
( وفرج بين إصبَعَيْه ).
وفي رواية: (إن الفجر ليس الذي يقول هكذا ( وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض )، ولكن الذي يقول هكذا (ووضع المُسَبِّحَة عى المُسَبِّحَة ومد يديه ). وفي رواية: لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا البياض -لعمود الصبح - حتى يستطير هكذا ).
وفي رواية: لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا، حتى يستطير هكذا. وحكاه حماد -أحد الرواة - بيديه قال: يعني معترضًا (1 ). ( يستطير ) أي ينتشر ضوؤه ويعترض في الأفق.
قال النووي: (في هذه الأحاديث بيان الفجر الذي تتعلق به الأحكام، وهو الفجر الثاني الصادق، وفيها أيضًا الإيضاح في البيان والإشارة لزيادة البيان في التعليم، والله أعلم )(1 ).
سابعًا: الإشارة إلى السمع والبصر:
37- عن سليم بن جبير مولى أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهــلها } إلى قــوله تعـــالى: { سميعًا بصيرًا }. قال: رأيت رسول الله يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه .
قال أبو هريرة: رأيت رسول الله يقرأها ويضع إصبَعَيْه ) (2 ).
ثامنًا: الإشارة إلى الوجه والكفين:
38- عن عائشة رضي الله عنها، أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله وقال:
( يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه ) (1 ).
تاسعًا: الإشارة إلى الأنف:
39- عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال: ( أمــرت أن أسجــد على سبعة أعـظـم، الجبهة (وأشــار بيده على أنفه ) واليدين والرجلين وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب ولا الشعر ) (2 ).
( نكفت ) الكفت الجمع والضم.
عاشرًا: الإشارة إلى الفم:
40- عن المقداد بن الأســود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: ( تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل ).
قال سليم بن عامر: فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض، أم الميل الذي تكتحل به العين .
قال: ( فيكون الناس على قدر أعمالهم في العَرَق، فمنهم من يكون إلى كعبيه; ومنهم من يكون إلى ركبتيه; ومنهم من يكون إلى حَقْويه; ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا.
قال: وأشار رسول الله بيده إلى فيه ) (1 ).
( الحَقْو ) الخَصْر.
41- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله أريد حفظه، فنهتني قريش وقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضى، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك إلى رسول الله، (فأومأ بإصبعه إلى فيه ) فقال:
(اكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق ) (2 ).
الاسم : هاني سامي عبد الوهاب خياط
الرقم الجامعي : 042909986